سورة الشورى - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


قوله عز وجل: {حم عسق} سئل الحسين بن الفضل لم قطع حروف حم عسق ولم يقطع حروف المص والمر وكهيعص، فقال: لأنها بين سور أوائلها حم فجرت مجرى نظائرها فكان حم مبتدأ وعسق خبره لأن حم عسق عدت آيتين وعدت أخواتها التي لم تقطع آية واحدة. وقيل لأن أهل التأويل لم يختلفوا في كهيعص وأخواتها أنها حروف التهجي واختلفوا في حم فأخرجها بعضهم من حيز الحروف وجعلها فعلاً فقال معناها حم الأمر أي قضى وبقي عسق على أصله. وقال ابن عباس ح حلمه م مجده ع علمه س سناه ق قدرته أقسم الله عز وجل بها. وقيل إن العين من العزيز والسين من قدوس والقاف من قاهر وقيل ح حرب في قريش يعز فيها الذليل ويذل فيها العزيز م ملك يتحول من قوم إلى قوم ع عدو لقريش يقصدهم س سنون كسني يوسف ق قدرة الله في خلقه، وقيل هذا في شأن محمد صلى الله عليه وسلم فالحاء حوضه المورود والميم ملكه الممدرد والعين عزه الموجود والسين سناؤه المشهود والقاف قيامه في المقام المحمود وقربه من الملك المعبود وقال ابن عباس ليس من نبي صاحب كتاب إلا وقد أوحي إليه حم عسق فلذلك قال الله تعالى: {كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك} وقيل معناه كذلك نوحي إليك أخبار الغيب كما أوحينا إلى الذين من قبلك {الله العزيز} في ملكه {الحكيم} في صنعه، والمعنى كأنه قيل من يوحي فقال الله العزيز الحكيم ثم وصف نفسه وسعة ملكه.


{له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم تكاد السموات يتفطرن من فوقهن} أي من فوق الأرضين وقيل تنفطر كل واحدة فوق التي تليها من عظمة الله تعالى وقيل من قول المشركين اتخذ الله ولداً {والملائكة يسبحون بحمد ربهم} أي ينزهونه عما لا يليق بجلاله وقيل يصلون بأمر ربهم {ويستغفرون لمن في الأرض} أي من المؤمنين دون الكفار، لأن الكافر لا يستحق أن تستغفر له الملائكة، وقيل يحتمل أن يكون لجميع من في الأرض أما في حق الكافرين فبواسطة طلب الإيمان لهم ويحتمل أن يكون المراد من الاستغفار لا يعاجلهم بالعقاب وأما في حق المؤمنين فبالتجاوز عن سيئاتهم، وقيل استغفارهم لمن في الأرض هو سؤال الرزق لهم فيدخل فيه المؤمن والكافر {ألا إن الله هو الغفور الرحيم} يعني أنه تعالى يعطي المغفرة التي سألوها ويضم إليها بمنه وكرمه الرحمة العامة الشاملة.
قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء} أي جعلوا له شركاء وأنداداً {الله حفيظ عليهم} يعني رقيب على أحوالهم وأعمالهم {وما أنت عليهم بوكيل} يعني لم توكل بهم حتى تؤخذ بهم إنما أنت نذير {وكذلك} أي ومثل ما ذكرنا {أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى} يعني مكة والمراد أهلها {ومن حولها} يعني قرى الأرض كلها {وتنذر يوم الجمع} أي وتنذرهم بيوم الجمع وهو يوم القيامة يجمع الله سبحانه وتعالى فيه الأولين والآخرين وأهل السموات وأهل الأرضين {لا ريب فيه} أي لا شك في الجمع أنه كائن ثم بعد ذلك يتفرقون وهو قوله تعالى: {فريق في الجنة وفريق في السعير} عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قابضاً على كفه ومعه كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا يا رسول الله فقال للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون فليس بزائد فيهم ولا ناقص منهم إجمال من الله تعالى عليهم إلى يوم القيامة، ثم قال للذي في يساره هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون فليس بزائد فيهم ولا ناقص منهم إجمال من الله تعالى عليهم إلى يوم القيامة فقال عبد الله بن عمرو ففيم العمل إذاً؟ قال اعملوا وسددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل ثم قال فريق في الجنة وفريق في السعير عدل من الله تعالى» أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده.


قوله تعالى: {ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة} قال ابن عباس: على دين واحد وقيل على ملة الإسلام {ولكن يدخل من يشاء في رحمته} أي في دين الإسلام {والظالمون} أي الكافرون {ما لهم من ولي} أي يدفع عنهم العذاب {ولا نصير} أي يمنعهم من العذاب {أم اتخذوا} يعني الكفار {من دونه أولياء فالله هو الولي} قال ابن عباس هو وليك يا محمد وولي من تبعك {وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير} يعني أن من يكون بهذه الصفة فهو الحقيق بأن يتخذ ولياً ومن لا يكون بهذه الصفة فليس بولي {ما اختلفتم فيه من شيء} أي من أمر الدين {فحكمه إلى الله} أي يقضي فيه ويحكم يوم القيامة بالفصل الذي يزيل الريب وقيل علمه إلى الله وقيل تحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن حكمه من حكم الله تعالى ولا تؤثروا حكومة غيره على حكومته {ذلكم الله} يعني الذي يحكم بين المختلفين هو الله {ربي عليه توكلت} يعني في جميع أموري {وإليه أنيب} يعني وإليه أرجع في كل المهمات {فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم} يعني من جنسكم {أزواجاً} يعني حلائل، وإنما قال من أنفسكم لأن الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم {ومن الأنعام أزواجاً} يعني أصنافاً ذكراناً وإناثاً {يذرؤكم} يعني يخلقكم وقيل يكثركم {فيه} يعني في الرحم وقيل في البطن لأنه قد تقدم ذكر الأزواج وقيل نسلاً بعد نسل حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل وقيل الضمير في يذرؤكم يرجع إلى المخاطب من الناس والأنعام إلا أنه غلب جانب الناس وهم العقلاء على غير العقلاء من الأنعام، وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به أي يكثركم بالتزويج {ليس كمثله شيء} المثل صلة أي ليس كهو شيء وقيل الكاف صلة مجازه ليس مثله شيء، قال ابن عباس: ليس له نظير.
فإن قلت هذه الآية دالة على نفي المثل وقوله تعالى: {وله المثل الأعلى في السموات والأرض} يقتضي إثبات المثل فما الفرق.
قلت المثل الذي يكون مساوياً في بعض الصفات الخارجية على الماهية فقوله ليس كمثله شيء معناه ليس له نظير، كما قاله ابن عباس أو يكون معناه ليس لذاته سبحانه وتعالى مثل وقوله: {وله المثل الأعلى} معناه وله الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله ولا يشاركه فيه أحد فقد ظهر بهذا التفسير معنى الآيتين وحصل الفرق بينهما {وهو السميع} يعني لسائر المسموعات {البصير} يعني المبصرات.

1 | 2 | 3 | 4 | 5